
في عالم يمثل فيه التعاون بين الدول مفتاح التقدم، تبرز أفريقيا لتكون مثالاً يحتذى به. فبعيداً عن نماذج المساعدة التقليدية للتنمية، تتجه دول القارة بشكل متزايد نحو جيرانها لتبادل المعارف والخبرات. وفي هذا الإطار، تأتي زيارة وفد من وزارة الطاقة والبترول والمناجم السنغالية إلى تونس، كخطوة حاسمة في سعي السنغال نحو مستقبل طاقي أكثر استدامة، ومعه مستقبل غرب أفريقيا بأسرها. هذه الزيارة ليست مجرد زيارة بروتوكولية؛ بل هي عمل استراتيجي لتبادل الخبرات، يبرز طموح القارة في التحكم في مصيرها الطاقي
تبادل الخبرات بين تونس والسنغال من أجل مستقبل مشترك
اختار الوفد السنغالي، المكلف بملف تحول الطاقة، زيارة الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة (ANME) في تونس لسبب بسيط: الخبرة التونسية في مجال كفاءة الطاقة والطاقات المتجددة تعتبر نموذجاً يُحتذى به. وبينما تستعد السنغال لتطوير استراتيجيتها الشمسية الخاصة، فإن التعلم من نجاحات (وتحديات) بلد يتمتع بظروف مناخية وواقع اجتماعي واقتصادي مماثل يعد أمراً لا يقدر بثمن
ركزت المباحثات خلال الزيارة على مواضيع حيوية، مثل الأطر التنظيمية، وآليات التمويل، والحوافز المتاحة لجذب الاستثمارات في قطاع الطاقة الشمسية. وقدمت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة (ANME) نموذج حوكمتها، ودورها في تنفيذ سياسات الطاقة، وطريقة عمل صندوق تحول الطاقة، الذي يعد أداة مالية رئيسية في نجاح مشاريع الطاقة الشمسية في تونس. هذا النهج العملي والمنظم هو ما لفت انتباه الوفد السنغالي بشكل خاص
التجربة التونسية: نموذج للنجاح
أثبتت تونس جدارتها في مجال التحكم في الطاقة. فقد تمكنت البلاد، على مر السنين، من وضع إطار تشريعي مواتٍ للاستثمار الخاص في الطاقة الشمسية وكفاءة الطاقة. كما ساهمت قوانين الطاقات المتجددة، وتعريفات الشراء المضمونة، وبرامج الحوافز الضريبية في خلق بيئة مواتية لتطوير المشاريع الشمسية الكبرى، وكذلك لتشجيع الأفراد والشركات على تبني الطاقة الكهروضوئية. هذه الخبرة، التي تم اكتسابها على المدى الطويل واختبارها على أرض الواقع، هي ما تسعى السنغال للاستفادة منها
شملت المباحثات جوانب فنية ومالية أساسية لتخطيط تحول ناجح في قطاع الطاقة. وشارك الخبراء التونسيون معارفهم حول تنفيذ المشاريع الكبيرة، وإدارة الشبكات، ودمج الطاقات المتجددة في مزيج الكهرباء الوطني. بالنسبة للسنغال، يمثل هذا خارطة طريق مفصلة يمكن أن تساعدها على تجنب العقبات وتسريع نشر برنامجها الشمسي الخاص
مستقبل التعاون الطاقي بين دول أفريقيا
أبعد من الجوانب الفنية البحتة، يرمز هذا التعاون الطاقي بين تونس والسنغال إلى ديناميكية أوسع نطاقًا تحدث في القارة. فبالاعتماد على القدرات الداخلية، يمكن للدول الأفريقية بناء مرونة في قطاع الطاقة لا تعتمد فقط على شركاء خارجيين. فنجاح دولة يصبح مصدر إلهام لأخرى، مما يخلق سلسلة من المعرفة والخبرات التي تعزز بعضها البعض
أعرب الطرفان عن رغبتهما في تعزيز تعاونهما في المستقبل، مما يمهد الطريق لمشاريع مشتركة، وتبادل للموظفين، وبرامج تدريب متقاطعة. يؤكد هذا الاتفاق دور تونس كمركز للخبرة في تحول الطاقة في المنطقة، ويضع السنغال كلاعب رئيسي مستقبلي في مجال الطاقة الخضراء في غرب أفريقيا. مثل هذا التعاون ضروري لتحقيق الإمكانات الطاقية الهائلة لأفريقيا والوصول إلى أهداف التنمية المستدامة التي حددتها الأمم المتحدة
الخلاصة: خطوة إضافية نحو الاستقلال الطاقي لأفريقيا
تعتبر زيارة وفد من وزارة الطاقة السنغالية إلى تونس حدثًا يتردد صداه أبعد من حدود البلدين. إنها دليل ملموس على أن تحول الطاقة في أفريقيا يمكن ويجب أن يقوده الأفارقة أنفسهم. ومن خلال تبادل الخبرات والنجاحات، تبني تونس والسنغال نموذجًا للتعاون يتسم بالفعالية، والاستدامة، والإلهام العميق. فبتوحيد قواها، ستنجح الدول الأفريقية في تحويل التحديات المناخية إلى فرص للنمو والاستقلال.
مصدر المقال: يستند المقال إلى البيان الصحفي « زيارة وفد من وزارة الطاقة والبترول والمناجم السنغالية » الصادر عن الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة ANME – anme.tn
solarbox.com.tn/category/actualites/national/ :لمعرفة الأخبار الوطنية الأخرى